خليك إيجابي !!

الإيجابية رائعة جداً ,, والجميع يسعون لتحقيق معانيها الجميلة والفريدة ولنا أن نبحر و نتخيل جميعاً جمال ما تعنيه هذه الكلمة الأنيقة ورعة معناها في سبيل تحقيق النجاح ولكن ككل شيء جميل أعتدنا أن نجد من يقفزون على الألفاظ ليفسرون المعاني حسب ما يريدون ويوظفونها كلياً لتحقيق رغباتهم !! فهنالك معنى غريب يتكرر دوماً بين أوساط معينة في بيئات العمل عن مفهوم الإيجابية فيفسرونها بأنها الانحياز التام نحو ذكر النجاحات دون الرغبة في الدخول إلى تفاصيل يرونها هم مملة فيدعون أن المساس في تلك التفاصيل المملة بذكرها هو خطأ في فهم المتلقين لتلك النجاحات مع العلم أن تلك التفاصيل المملة بالنسبة لهم هي جوهر الحقيقة بالنسبة للآخرين والتي غالباً ما تكون محرجة بشكل فضيع فهم بذلك قد أظهروا غير مشكورين مفهوماً جديداً غير واقعي البتة مشتت لما تعنيه كلمة الايجابية .

أن معنى الإيجابية ومفهوم لفظها لم يكن يوماً يعني بأن يكون هنالك طبقة ناعمة الملمس مزخرفة الشكل تغلف أكوام من الأخطاء الهشة من أجل تمريرها خفية في قالب نجاح هش فكل ما يحدث حقيقة في تلك الحالة هو تأطير لمجموعة من الأخطاء الإستراتيجية والمشاكل الإدارية والقرارات المزاجية والارتجالية ووضعها في نطاق غريب على اعتبار أنها تحقيق لنجاح دون أن يكون لذلك النجاح أي تأثير حقيقي على جوهر المشكلات القائمة والتي يعاني منها الكثير فحينما تعمد إلى إبداء الملاحظات حيال بعض النتائج أو الخطط المستقبلية لابد وأن تجد أن هنالك من يتهمك بالحسد !! أو الشخصنة !! أو بكلاهما معاً أو ما في قوامها من معاني وألفاظ لا تدل سوى أن الأمر لن يتجاوز إلصاق الادعاءات الباطلة تباعاً دون التوغل والرد على تلك الملاحظات القاسية نوعاً ما فحينما تشير بيدك إلى مكمن الخلل الذي تراه يشيرون إليك بتلك الاتهامات ولذلك دوماً ما تبقى كثير من النجاحات الهشة التي تحدث دون تأثير حقيقي لأنها بطبيعتها لم تكن سوى نتاج خطط هشة فضفاضة لا تعني حقيقتها .

يبقى أن أوضح بأن مفهوم الايجابية على الأقل بالنسبة للبعض لا يخرج عن كونه أطارا يحدد كيفية التفكير وكيفية التصرف بعد ذلك وهذا يعني بأن علينا الغوص في جوهر الأمور  بحثاً عن حقيقة كل الأخطاء لمحاولة تصحيحها أو تداركها دون إنكار لها أو تبرير لأسباب وجودها أو خوف من الواقع ليكون أساس العمل الحقيقي هو عامل التأثير في أي نجاح يتحقق ومحاولة إزالة ما يشوبه من مظاهر دعائية أو إدعاءات باطلة أو مجاملات أو أمور من شأنها تغيير الرأي السائد عن النجاحات والنتائج المحققة باعتبارها ستكون أثراً سلبياً على المجتمع المحيط فيأخذها المجتمع على اعتبار أن النجاحات لن تتحقق سوى أن كانت حبراً على ورق فهي تبقى دون تأثير حقيقي على المجتمع.

خليك إيجابي !! هي كلمة سائدة تخفي حقيقتها “خلك سلبي !!” ومعناها أن تغلف كل مشكلة أمامك بشيء من السلوفان الجميل دون المساس بجوهرها وأبعادها وأن تعيد تقديمها كذلك للآخرين من حولك بحسب هذا التقديم الخارجي الجميل وأن تترك الحديث عن كل تلك المشاكل الأخرى وتضعها وراء ظهرك حتى يأتي المستقبل بمن يتفهم أولا معنى الايجابية الحقيقي ويتكفل بإصلاح جميع الأخطاء ولا يعمد إلى إدعاء حدوث النجاحات إلا أن حدثت بالطبع فعند ذلك لن تتراكم الأخطاء كما يحدث اليوم ولن يبتعد المخلصين تباعاً عن الاهتمام بها أو الصمت عنها خشية الضرر الذي قد يحدث لهم نتيجة التصريح بآرائهم لأن الفهم الخاطئ لمعنى الايجابية للأسف أصبح يعني أن هنالك من لا يرى في تصحيح الأخطاء والملاحظات ومواجهة الواقع الذي نتج من خلال آراء وقرارات خاطئة سوى أنها شيء من الحسد الذي أبتلي به دون غيره فيسعى دوماً لإسقاط كل مخلص وتنحيته جانباً وتهميش دوره .

تذكرة مغادرة : يقول جابرييل ماركيز : “ دع الزمن يمضي وسنرى ما الذي يحمله ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :