يعتمد نجاح القرار على أمرين المعلومات المتوفرة، و العقل الذي يصنع القرار وفي هذه التدوينة سأركز على الجزء الأول وهو المعلومات المتوفرة من أجل إتخاذ القرار وتحديداً القرارات المرتبطة بالعمران وتحديداً عنوان التدوينة “المصفوفة الحضرية” فما هي ؟
تشكل المصفوفة الحضرية تجربة في ربط العناصر الحضرية المختلفة في سياق واحد يكون واضح ولنا القدرة على التأثير بالنتائج من خلال أدوات مختلفة حيث تشتمل عناصر المصفوفة الحضرية على مستويات تأثير متباينة بحسب العنصر الموجود تحت الدراسة فتغيير العنصر المدروس يغير النتائج والتقييمات الخاصة بها والتي تسهم في تقديم تصور شامل لأي منطقة حضرية بحيث تصنع مساراً ذو أولويات تنموية للمكان.
النظرة العامة سابقاً تؤكد أن المدن والمحافظات والمراكز والقرى ليس لهم نفس الأهمية، ولكنها اليوم ومن خلال رؤية المملكة باتت الأهمية حسب الميز النسبية للمكان بحيث أصبح المكان والميز النسبية له هو نقطة الإنطلاق ولم يعد حجم النطاق الحضري ذو تأثير كبير والشواهد عديدة في تأكيد ذلك فالمدن الكبرى والقرى الصغيرة على حد سواء في القضايا التنموية أصبحت النظرة تجاهها في تحليل المستوى الحضري والموارد والإمكانيات والفرص والتهديدات.
هذه النظرة العادلة تجاه المكان أصبح لزاماً أن يرافقها عمل جاد في عملية تنظيم البيانات والمعلومات من خلال المصفوفة الحضرية والمؤشرات من أجل القدرة على إتخاذ القرار الصحيح والسليم، هذه المصفوفة التي لا تضع الوضع الراهن فقط بل تضيف عامل التجارب المماثلة في الحسبان لتبني من خلال التجارب المماثلة الدروس المستفادة .
ومن أمثلة ما يحدث سابقا حينما تعاملت إدارات المدن مع المواقع الغير قابلة للتنمية على أنها عوائق تترك دون المساس بها ولكن من خلال النظرة العادلة وبناء المصفوفة الحضرية تعرض هذه المواقع على مكوناتها ومواردها وعناصرها من أجل تنميتها بشكل أكثر أتزانا والتعلم من المماثل.
وفي رؤية اتسمت بالنظرة العادلة تجاه الموارد المكانية أصبح من الطبيعي أن ترى مشاريع كبرى في نطاقات جغرافية معينة وباستخدامات محددة كانت إلى زمن قريب من الصعوبة أن ترى اكتمالا للمرافق وخدمات البنية الأساسية قبل قرنين أو أكثر ولكنها اليوم تسابق الزمن من أجل ذلك.
المصفوفة الحضرية تتعامل مع البيانات والمعلومات تجاه المكان بحيادية تامة وأنصفت العديد من المواقع بأن أصبحت ضمن مستهدفات التطوير الشامل فالتعامل مع البيانات والمعلومات العمرانية بأشكال متنوعة أتت في مستويات معيارية مثل (مثالي، يلبي الاحتياج، قصور جزئي، قصور كلي) سواء للخدمات أو المرافق أو البنية التحتية أو حتى العناصر والموارد الإجتماعية لم يعد النظر فقط يقتصر على الدور الحكومي في التنمية بل أصبح هذا العمل محركاً للقطاعات الأخرى في مناطق لم تعتد على ذلك ومن تلك القطاعات القطاع الاستثماري على سبيل المثال ولم تقف عند عتبة القطاع الخاص بل إتجهت للمحور المجتمعي ليكون ضمن المستهدفات من خلال مصفوفة حضرية للدور المجتمعي في الفضاء الحضري من خلال تحديد الأدوار وتفعيلها حيث تضع رابطاً قوياً ومؤثراً بين المجتمع والثقافة وتستخدم من أجل الفضاء الحضري العام.
المصفوفة الحضرية تبني رصيداً من المعرفة المكانية لكل موقع بحسب موارده سيكون مستقبلاً هو المحرك الاقتصادي الفاعل في هذه المناطق، هذا الرصيد سيخفف العبء الحالي من تكاليف الدراسات والتقييمات ليترجم كل معلومة ومؤشر نحو التوجه الفعلي للمكان وما العمل التالي دون إعادة تفكير لسنوات فيما يجب أن نفعل لاحقاً وهذا العمل مستقبلاً نتيجته الفعلية والوحيدة هو بناء حضارة تبقى لقرون من الزمن شاهداً على نجاح المرحلة الحالية ومؤكداً أن العقول التي تدير القرارات أسهمت بشكل اختصر القرون لسنوات.
تذكرة مغادرة : من كانت همته بناء الحضارة أرتصت لأجله حتى الحجارة.