العاطفة والإدراك في التراث العمراني

يمتاز من يهتمون بالتراث العمراني ويحافظون عليه بأن أرواحهم تتعلق فيه وترتبط به ومن أجله تنساب عاطفتهم ومشاعرهم ولا ضير في ذلك التعلق الشديد وهو مطلوب دوما ولكن العاطفة لا تكفي للتعامل مع التراث العمراني وقد تكون أحد الأسباب التي تتسبب في تشويهه من غير قصد فالتعامل العاطفي قد يخفي أمورا واضحة لا يتصور أن تحدث وقد لا يعي غالبية من يتعاملون مع التراث العمراني بالعاطفة كل ما يجري حولهم فيبقى تركيزهم منصبا نحو التراث العمراني كعنصر واحد دون إدراك لكل شيء محيط ولعل هذا أحد الأمور التي تميز المهندسون وهو الإدراك بكل ما يحيط بهم أو يؤثر على عملهم ولأن نظرة المهندس المتخصص في التراث العمراني تكون أكثر عمقاً من سواه فهو يحيط به بشتى حواسه ويحلل كل ما تسقط عليه عينه ويفنده ويميزه ليضعه ضمن أطر محددة متى ما أستطاع تقوية تلك الحواس وتنميتها تجاه الأمور المترابطة والمتعلقة بالتراث العمراني فالمواد الأولية وطرق البناء فيها والزخارف وموادها وأشكالها وخلفياتها التاريخية ومصادرها والخطوط وأنواعها والعبارات المكتوبة على مباني التراث العمراني وأسبابها وأنظمة البناء القديمة وغيرها هي الأمور التي يجب أن يركز عليها المهندس وينمي تلك الحواس تجاهها .

فبين الروح والإدراك تبقى مسالة ما الذي يؤثر أكثر على التراث العمراني ،، 
فخوفاً من تدخل المهندسون الحاد في كثير من الأحيان يبقي البعض آمالهم بأن تبقى مباني التراث العمراني دون أن تتأثر من العوامل المختلفة وكأنما هي محصنة من أي تأثيرات والبعض الآخر يأملون بأن تعاد المباني بعد صيانتها إلى عهدها الأول كما هي فهم يحتفظون بالصورة البصرية للموقع ويريدونها أن تبقى دونما تغيير, أن معايير الجودة في الأعمال الهندسية سواء في الترميم أو الصيانة متى ما تمت بالشكل الصحيح وبجودة عالية كانت أكثر محافظة على مباني التراث العمراني وهذا ما يتطلبه الأمر من غير المتخصصين كملاك مباني التراث العمراني أو القائمين عليها بعدم إسناد عمليات الترميم أو الصيانة وأن كانت طفيفة جدا لغير المتخصصين وكذلك عمليات التطوير والتحديث فإدخال بعض الخدمات تتطلب جهدا عاليا في رسم أبعاد تلك التعديلات وحجم تأثيرها على مباني التراث العمراني سواء وقت التنفيذ أو في المستقبل دون تغيير للصورة البصرية أو تضرر أو تشويه لمكوناته الداخلية فقيمة التراث العمراني العالية قد تشوهها يد تتعامل بفجاجة دون إدراك لأبعاد تلك التحديثات وطرق التعامل مع كل عنصر حتى لو كان بسيطا ولكن مما يبقي بعضا من الأمل في أنفسنا أن قيمة التراث العمراني تكمن في عدة أمور مختلفة وغير مترابطة ببعضها البعض فقد تكون القيمة مكانية أو زمانية كرصد الأحداث والمناسبات المؤثرة في التاريخ له ولكن يبقى دوما عامل الندرة أحد أهم العوامل التي ترفع من مكانة وقيمة التراث العمراني.

تذكرة مغادرة : تقول الحكمة ” أنّ الهوى شريك العمى ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :