المشاة في المدن

تطبق العديد من المدن مبادرات لتحسين مستوى قابلية المدينة للمشي وهذا أمر في المسار الصحيح إذا أخذنا في الإعتبار أن تحسين قابلية الأرصفة للمشي ليس هو الهدف الرئيسي بل هو أحد الأهداف الثانوية لتحسين جودة الحياة في المدن فيجب أن تدرك أن وجود رصيف مهما كان تصميمه لا يعني بالضرورة أنه سيكون مقصداً بحد ذاته،الرصيف بأفضل تشبيه له هو عصب المدينة، فكما للجسم البشري جهاز عصبي للمدينة جهازها العصبي.

يبقى أن نفهم أن الرصيف هو ناقل حركة من وإلى ولذلك لابد أن نعمل على تحسين حركة المشاة في المدن من وإلى نقاط محددة كمرحلة أولى وإلى أي مكان كمرحلة ثانية.

لنعود الآن إلى فهم المدينة على ضوء أنها عبارة عن نقاط حركة منها وإليها فالمسجد والمدرسة والمتاجر في الأحياء هي عبارة عن وحدة واحدة قد تنفصل بمستواها الأول عن الأحياء الأخرى والتي ستكون مجموعة الأحياء المتقاربة هي المستوى الثاني من الحركة في المدينة وهكذا تستمر الحركة في المدينة ويستمر ناقل الحركة المخصص للمشاة في تعزيز الوصولية بين النقاط الرئيسية والفرعية.

وفي المستوى الثالث للحركة هي تقاطع حركة المشاة مع حركة المركبات أو الدراجات أو النقل العام والذي يتطلب معالجات ذات مستوى تصميمي أعلى من المستوى الأول والثاني ففي هذا المستوى تدرس الحركة بناء على الكثافات ودراسة إعطاء الأولوية بشكل عملي لا عاطفي فالفكرة بإعطاء المشاة الأولوية الدائمة ليست صحيحة وأن كان العاطفة تعطي هذه الأولوية ولكن استمرارية الحركة الدائمة هي الأولوية سواء كانت للمشاة أو للمركبات.

ما زلت أدعو لأن تعلن المدن استراتيجتها للتعامل مع الأرصفة لكونها جزء من منظومة النقل داخل المدينة وقد كتبت سابقاً مقالاً بعنوان الرصيف في المدن حيث دعوت لإستخدام الرصيف كجزء من الفراغ العام للمكان ويتم تهيئته ليكون جزء فاعلا في خطط المدينة في محاور مختلفة ومنها النقل.

قابلية المشي لأي مدينة يلزم أن تكون ضمن مؤشرات أي مدينة فقابلية المشي تتقاطع كثيراً مع الأنشطة والمساحات والفراغات العامة والمقاصد الرئيسية والفرعية وحتى نحقق الهدف يجب أن ينظر لها من زاوية عليا والتي قد تتطلب تشريعات عمرانية محددة لمواقع محددة .

تذكرة مغادرة : يقول الكاتب أحمد بهجت “عندما يبحث إنسان عن شيء ما , فإنه لا يرى عادة إلا ما يبحث عنه , وهذا يعني عجزه عن رؤية شيء آخر , وقد يكون جواب السؤال كامناً في هذا الشيء الآخر”.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :

نُشِّرْت في 

ضمن

للكاتب