عمارتنا المعاصرة والعمارة العامية

كتبت في التدوينة السابقة والتي كان عنوانها التراث العمراني والحداثة عن أراء المتخصصين حيال التراث العمراني والحداثة وأوضحت أننا لابد وأن نتفهم كثيرا لقضية الابعاد المكانية والزمانية للعمارة القديمة والتراث العمراني ومدى انعكاساتها على المدن والمجتمعات فالعمارة كأحد الفنون البشرية الملهمة ليس من المفترض أن تكون عصورا مستقلة متقطعة كأجزاء مختلفة بل لابد وان تكون ذات امتداد طبيعي من خلال البيئة المحيطة والمجتمعات ويؤسس لها من خلالهما ويحترم فيها أبعاد المكان والزمان وهذا أحد العناصر التي يمتلكها التراث العمراني ويزيد فيها على العمران المعاصر أهمية ونضوجا فلم يأتينا التراث العمراني بصورة متكررة كما هو حال العمران المعاصر ولما للتكرار من تأثير على الفن المعماري باعتباره مبعث على الملل البصري وعدم الإدراك سوى للشاذ منه وهذا قلما نجده في مدننا القديمة وفي تراثنا المعماري ولكنه في العمران المعاصر ومن خلال تشخيص للحالة العمرانية في واقعنا المعاصر سيظهر لنا كثير من النماذج المعمارية المتكررة والهزيلة والتي نقدمها اليوم على أنها النموذج الراقي من الفن المعماري وعلى أنها أبرز ما توصلت إليه العقول المعمارية الفذة ولكن التساؤل الهام جدا من وجهة نظري على الأقل ألسنا بهذا التكرار وبهذه المشاكل التي تعج بها البيئة الهندسية والقطاع الهندسي بشكل عام نخلق ونقدم عمارة بدائية ومضرة بل حتى لم تصل وترقى لأن تكون صورة من صور العمارة العامية البدائية والتي أساسها هو نجاح التعامل مع البيئة المحيطة والمواد المحلية وتحقيق رغبات وتطلعات المجتمعات المحلية واحتياجاتها.

ما أبقته وتركته لنا الأمم السابقة من عمارة وفن وتاريخ وتراث عمراني وحضارة ثرية مع تعاملها وتطورها ضمن موارد وإمكانيات محدودة يسجل لها انها حضارات رائدة وأنها كانت أكثر جدية منا في المحافظة على الإرث الحضاري والتراث العمراني والاستفادة منه وتطويره وتطويع الموارد المحلية لأقصى درجة ضمن معارف وعلوم محدودة وتكنولوجيا منعدمة , فما الذي سنبقيه للأمم من بعدنا وكل ما نجده في هذا الشأن هو تحركات خجولة وبدائية لا تعبر عن رؤية او رسالة واضحة بل وتتخبط في قراءتها للتراث العمراني حينا في سبيل المحافظة وحينا في سبيل التطوير.

أمنية : اذا كنا لا نستطيع ان نقدم عمارة تليق بنا وتتحدث عنا للمستقبل فدعونا على الأقل نحافظ على ما وصلنا من الماضي دون تأثير منا ولنتركه لأجيال وأمم تكون أكثر وعيا منا بأهميته وبطرق الاستفادة الصحيحة منه.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :