فاعلية تطور المدن

السؤال الدائم عن المدن القديمة والحديثة، والبحث عن فرضيات نشأتها وتطورها مع الزمن يجعلنا ندرك أن المدن تطورت تحقيقا لمبدأ التغيير لأجل تلبية احتياجات ساكنيها على مدى الزمن، وقد تنافست المدن في نواح عدة كالعلوم والمعارف والعمران وكذلك حديثا تهافت للمنافسة على قائمة المدن الأوائل في العالم لتكون إما مقصدا سياحيا هاما وبارزا للزوار أو المدن الأكثر أهمية في الاقتصاد أو السياسة أو خلافه مما يتنافس عليه البشر، فالتطور وتلبية احتياجات الساكنين والزائرين أمران مترابطان جدا، ولا يمكن تحقيق التطور باقتصار الخدمات العامة وخدمات البنية التحتية عند حدها الأدنى، فتلك الخدمات جميعها هي أساس لتكوين المدن ولا جدال فيها، وعدم تحقيق تلك الخدمات كما يجب أو اقتصارها على أجزاء من المدينة دون أجزاء أخرى أمر في غاية الخطورة، والأولى بنا قبل الحديث عن التطور المستقبلي للمدن العمل على استيفاء الضروريات وتحقيق المتطلبات التي يقوم عليها التطور أساسا، فما زالت بعض المدن تعتبر أن تحقيق الخدمات لأجزاء معينة من المدن دون سواها هو امتياز لها، وهذا أمر غير عادل تجاه الأحياء والمناطق الأقل حظا من المدينة وينعكس سلبا على ساكني تلك الأحياء الذين لم تتوفر لهم الخدمات لتزداد معها العدائية تجاه الممتلكات العامة في المدينة وهذا حقيقة بعض مما تعاني منه المدن أساسا.

وأمر آخر لا يقل أهمية وهو أن توزيع الخدمات غير العادل يسهم في تصنيف مجتمعات المدن بناء على أجزائها إضافة إلى أن البعض من مسؤولي إدارة المدن لا يدرك أن هنالك فرقا بين أن تكون هنالك أجزاء من المدينة للأغنياء وأخرى للفقراء ومحدودي الدخل وبين أن تكون هنالك خدمات وبنية تحتية من عدمه.

الخدمات العامة وخدمات البنية التحتية هي جزء من مسؤولية إدارة المدينة لتغطي بها جميع أجزاء المدينة دونما استثناء، والأولى البقاء في هذا المربع حتى الانتهاء منه قبل الحديث عن خدمات وفعاليات أخرى أقل أهمية وأضعف تأثيراً.

في مدننا يجب أن نرسم الإطار الصحيح لبوصلة التطوير بداية من إدراكنا للملفات الأكثر أهمية والعمل لأجلها تحقيقا للعدالة في توزيع الخدمات وجعلها متاحة للجميع دون الحاجة إلى تحديد أجزاء من المدينة تستحق التطوير وأجزاء أخرى تحرم منه، بما أن مدننا لم تخرج يوما من دائرة تنظيم العشوائية إلا لدائرة عشوائية التنظيم فلن يكون هنالك تطور حقيقي للمدن بل سنفيق يوما لنجد أن المدن تعاني بقاءها الدائم ضمن المراتب المتأخرة والمتراجعة على مستوى العالم أو قد تصنف يوما ضمن المدن الأكثر خطورة على الإنسان.

تذكرة مغادرة: يقول الكاتب خوسيه ريزال : «لا تحتاج الحقيقة لأخذ ملابس من الكذب».

شارك الصفحة مع الأصدقاء :