من يخفي الدروس المستفادة ؟؟

لا شيء يغيب عنا ونفتقده كثيراً مع أهميته بالنسبة لنا نظراً لحجم المشاريع الرائدة التي تمر بنا والميزانيات العالية التي تصرف عليها بحجم الدروس المستفادة من تلك المشاريع والتي تغيب عنا وتطوى في غياهب النسيان ولكنها مع أهميتها تبقى أكثر ما نتجاهله دوماً للأسف ودون شعور بالمسئولية تجاه عملنا لتلك السنوات الطويلة فنحن نقترح ونفكر ونخطط ونمارس مهام عمل عظيمة ومشاريع قد لا تتكرر لزمن طويل جداً لنخرج منها بخبرات متراكمة ومع ذلك ننسى أن ندون كل تلك الخبرات والمعارف التي اكتسبناها طيلة عمر المشاريع حتى يستفيد منها من يأتي بعدنا نستأثر بالمعلومات دوماً إما جهلاً بأهمية تدوينها أو حرصاً على عدم مشاركتها مع الآخرين لكي يبقى الاعتماد علينا مستمراً مدة زمنية أطول فهكذا جرت العادة خلال سنوات مضت وهكذا كان البعض يمسك بالمعلومة كأنما سر لا يصح أن يفشى .

أن تجاهل تدوين نقاط القوة التي استفدنا منها في مشاريعنا وتجاهل التذكير بنقاط الضعف أمر لم يعد مهنياً البتة في إدارة مشروعاتنا فالمتتبع لتلك الأخطاء ونتائجها يلحظ أننا نقع دوماً في نفس الأخطاء ومع ذلك لم تعد تذكر سوى على أنها أحداث بطولية للبعض تختفي مصادرها وتفاصيلها تماماً عنا وكأنما جميع مشاريعنا فجأة أصبحت ناجحة جداً في كل خطواتها ومراحلها ولهذا لم يروا أن الصواب أن يلجؤون إلى حفظ وتوثيق واستنتاج أي من الدروس المستفادة حسب وصفهم لنستطيع من خلالها نصح مدراء المشاريع المماثلة بها وحتى لا تقع تلك الأخطاء وتتكرر تباعاً عند كل مشروع فتلك النظرة السائدة تجاه كيفية إغلاق المشاريع هي سبب حدوث الأخطاء باستمرار علاوة على أن الاستمرار في النظر إلى المشاريع على أنها مدد زمنية وتكاليف مادية نحث على الانتهاء منها دون أي تقييم لتلك المشاريع بعد الانتهاء منها ودون استخلاص للدروس والفوائد والنصائح وما نفعله انه ما أن ينتهي المشروع وكأنما حدث الخلاص للمسئولين عنه فذلك أصبح أمراً غير واقعي البتة فهم تحت ضغوط تعطل وتعثر العديد من المشاريع يلجأ الكثيرون منهم إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه وترميم الباقي فالسير بالمشاريع تجاه مناطق يحسبونها آمنة لينتهي المشروع وتستمر المعاناة وتتكرر الأخطاء مراراً معهم ولم يستوعب الدرس يوماً وكذلك نفعل في كثير من الأمور الأخرى متوقعين أننا مع إعادة التجربة من جديد أنها ستأتي لنا بنتائج مختلفة فنحن نضع التعاميم والأوامر والتعليمات والأنظمة واللوائح اللازمة لكل شيء ولكننا ننسى أن نكلف بها مسئولاً يتبنى التغيير والتحديث فيها أو أننا نكلف بها أكثر الموظفين انشغالا ليضعها ضمن آخر أولوياته فحينما تثقل المهمة عليه نأتي بغيره .

أخطائنا في الاستفادة من المشاريع لم تعد تخفى على أحد ويراها الآخرون فرصة لاستثمار تلك الأخطاء لصالحهم ولكن المذهل أننا لم نعتبر من تلك الأخطاء ولم نستفد يوماً منها فما زالت تذهلنا يوما بعد آخر بوضوحها فهي لمن يريدها كثيرة جداً وفي شتى المجالات ولكن القليل من يبادر ليحمل لواء التغيير والتحديث والتطوير ولا يعمد إلى الإخفاء والتجاهل .

تذكرة مغادرة : يقول ألدرس هكسلي : ” لا تختفي الحقائق عندما يتم تجاهلها “ .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :