النسب الإنسانية في التصميم المعماري

الإنسان محور هذه الحياة وهو المستخلف فيها بالنص القران الكريم لقول الله تعالى :

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 30]

فاستخلاف الله عزوجل للإنسان في الأرض هو أمر منه سبحانه وتعالى للبشر لعمارة الأرض وخلافته فيها وتطبيق ما أمر الله عزوجل تطبيقه من شرائع وأحكام ولتسير عليها البشرية إيمانا منها بأن في هذه التعاليم للخير والسعادة. ومن أوجه التفسير لهذه الآية الكريمة ما قاله ابن سعدي – رحمه الله – في معنى الاستخلاف والتمكين ووعد الله لأهل الإيمان بذلك: “هذا من وعوده الصادقة، التي شوهِد تأويلها ومَخبَرها، فإنه وعَد من قام بالإيمان والعمل الصالح من هذه الأمَّة، أن يستخلِفَهم في الأرض، ويكونوا هم الخلفاءَ فيها، المتصرِّفين في تدبيرها، وأنه يمكِّن لهم دينَهم الذي ارتضى لهم، وهو دين الإسلام، الذي فاق الأديان كلها، ارتضاه لهذه الأمة، لفضْلها وشرَفها ونعمته عليها، بأن يتمكَّنوا من إقامته، وإقامة شرائعه الظاهرة والباطنة ، في أنفسهم وفي غيرهم، لكون غيرهم من أهل الأديان وسائر الكفار مغلوبين ذليلين، وأنه يُبدِّلهم من بعد خوفهم الذي كان الواحد منهم لا يتمكَّن من إظهار دينه، وما هو عليه إلا بأذى كثير من الكفار، وكون جماعة المسلمين قليلين جدًّا بالنسبة إلى غيرهم، وقد رماهم أهل الأرض عن قوس واحدة، وبغَوا لهم الغوائل”.

 كون الإنسان محور هذه الحياة يحتم أن يكون كذلك محور أي جهد على هذه الأرض من أجله ووجب أن تكون عمارتها موجهة له وتحترمه بشكل خاص إلا أن الملاحظ اختلاط ميزان هذا المحور في التصاميم المعمارية الحالية فنجد أنها قد أهملت قصدا هذا المحور الإنساني للبحث عن محاور اقل أهمية منه والحديث لا يقتصر عن العمارة العامة بل أصبحت التصاميم المعمارية الخاصة أيضا لا تحترم هذا البعد الإنساني في التصميم وحتى أرقى المحاولات لدينا ما زالت بعيدة عن احترام هذا البعد الإنساني في التصميم ولهذا وجدت نفسي مرغما للحديث عن انسنة العمارة حتى تتناسب معنا كبشر نستخدمها في حاضرنا ومستقبل أجيالنا ولابد كذلك من أن يتحرك المهتمين بذلك لمواجهة محاولات تهميش هذا البعد الإنساني في التصاميم المعمارية وإعادته كركيزة أساسية في التصاميم المعمارية .

التصور بأن فنون العمارة لا يعبر عنه سوى بالمباني المرتفعة والمتعددة الأدوار أو الاستفادة القصوى من المساحات المتاحة أو باستخدام الأشكال الغريبة والعجيبة في التصاميم يعتبر قد حدد مطلقاً وهذا ما لا يجب على المعماريين خصوصا القناعة به وأتباعه فجمال العمارة دوماً ما كانت ومنذ مئات السنين في الاعتبارات الإنسانية للتصاميم المعمارية لا بالأشكال “الغريبة والعجيبة” المعمارية التي لا تتناسب سوى مع بعضها فلا تجد تناسب إنساني أو بيئي أو بصري ولا بالاستخدام الزائف لبعض الأجزاء وليست في التظاهر بالأصالة المعمارية ومع أننا ما زلنا نأخذ من تراثنا ونتعلم منه اللفتات الجميلة وأناقته التي تتجانس كثيرا وتتمازج بشكل انيق مع البيئة والانسان من حولها الأ أننا ما زلنا لم نطور هذا التمازج ليحقق لنا بيئة معمارية وإنسانية أفضل , أن استمرار  تهميش المحور الإنساني في التصاميم المعمارية سوف يكون عاملا مؤثراً بشكل سلبي في طبيعة الإنسان وشخصيته وعلاقاته مع المجتمع وسيزيد من العزلة التي تتسبب حسب متخصصين في زيادة الاكتئاب والأمراض النفسية وارتفاع معدلات الإدمان .

أمنية : أن نحيا كبشر حياة كريمة ,,  في عمران يحترمنا ..

شارك الصفحة مع الأصدقاء :