التصاميم المعمارية والتراث العمراني

المطلع على التصاميم المعمارية للمباني السكنية القائمة اليوم في مدننا يجد نفسه أمام معضلة عمرانية صعبة وأمام عبث معماري مطلق وعشوائي وحالة تردي في جماليات المدن وتطور باهت لا يتناسب معنا ولا مع طبيعتنا المجتمعية أو بيئتنا والذي أنتج لنا تلوثات بصرية وتشوهات وفقدان لمعاني الجمال في مدننا.

وكون هذه التشوهات اليوم أصبحت واقعا لا يمكن محوه بسهولة ولكن بالإمكان استدراكه في الحاضر والمستقبل ولكن يلزمنا مسبقا دراسة مسبباته التي لا تخرج عن مثلث المسئولية لهذه التشوهات وهي (البلديات , المكاتب الهندسية , الملاك ) فالبلديات ومنذ وقت قريب بدأت الحديث عن ضرورة محاكاة المباني لأصالة المدن وتاريخها وتراثها إلا أنها محاولات يكتنفها عدم الجدية وضعف المتابعة وقلة الخبرة المهنية ولا تخرج عن نطاق رمي المسئولية أو اجتهادات لم ترقى لتكون توجها عاما بأفضل الأحوال وكذلك الركن الآخر من هذه الحالة وهي المكاتب الهندسية التي تعاني من تداخلت كثيرة بداية من هوية القائمين عليها والعاملين فيها وخلفياتهم المعمارية والعمرانية ومعلوماتهم عن تاريخ وتراث مدننا واستمراراً لتشعب الجهات المشرفة عليها فهي بالتأكيد لن تضر فيما لو بدأت في استخدام اللمسات العمرانية المستوحاة من تاريخنا وتراث مدننا أن وجدت بالطبع والذي لن يكون صعبا أن خرج للنور ما يحمل ملامح هويتنا وتراثنا وكيفية تطويعه ليتناسب مع استخدامات واحتياجات العصر وليكون مرجعا مهنيا يغني عن الاجتهاد في موضوع كالهوية العمرانية ويعزز كذلك الملاك على استخدام الملامح العمرانية وتبنيها ولأكون منصفا فهم يمتلكون الرأي المؤثر في القرار النهائي للتصاميم المعمارية للمباني السكنية ولكن غالب تركيزها لا يخرج عن الاستغلال الأمثل للمساحات الداخلية للمباني وللعوائد المرجوة منها مع ازدياد الاهتمام ليشمل الواجهات الخارجية وطريقة إبرازها وذلك في حالات محددة كالمباني الإدارية والتجارية .

المحافظة والاهتمام بالتراث العمراني وتطويعه حسب استخداماتنا واحتياجاتنا اليوم يحقق لنا أمرين أولهما تسليم ما وصلنا من تراث عمراني إلى الأجيال القادمة كما وصلنا والآخر أن تطويعنا للتراث سيضعنا كعصر لامع ضمن التطورات التي ستشاهد مستقبلا من الأجيال المتعاقبة .

التراث يعني بقاء فكرنا ونهضتنا وحضارتنا

شارك الصفحة مع الأصدقاء :