دلالات معمارية غائبة

دلالات معمارية غائبة : لا يحل الغياب كثيراً سوى في العمارة الحاضرة ولم يكن أكثر غيابها سوى بسبب عدم القدرة على إيضاحها بالشكل المطلوب فهو يُغيب الكثير من التفاصيل خشية انكشاف المعرفة حينما لا يكون هنالك شيء أجمل وأكثر مغامرة من المعرفة والتعلم في الحديث عن العمارة .

العمارة ليست ذلك الجزء المتعارف عنها أو تلك المباني التي تشيد بقالب نموذجي واحد بل تلك الزوايا والانحناءات والإلهام الذي تحدثه بنا كلما شاهدناها فحينما نتأمل الواقع نتألم لأنه يقدم نموذجا هندسيا على أحسن تقدير يتسم بأنه خاوي تماماً من أي دلالات سواء أكانت عمرانية أو ثقافية أو تاريخية أو غيرها من الدلالات التي تضج بها مباني التراث وحينما نتجاهل تلك الدلالات يحدث أن نقدم عمارة زائفة أشبه بالمسخ سبق تجاوزها بمراحل منذ قرون حينما كان العرب والمسلمين يشيدون المباني بكثير من الحس والحُسن فنتج عنها أن أصبحت شاهداً على عصرهم وعلامة فارقة في عصرنا هذا الذي قل فيه النتاج المعماري واتسم بالهامشية وضياع الهدف.

غابت الزخارف والزوايا والخطوط والانحناءات والأقواس والألوان وغابت دلالاتها وحينما استحضرت بهدف نقلها والاستفادة منها لم تقدم بالصورة الحقيقية لها بل كانت باهتة بلا روح واعتبرت إضافة يسهل تجاهلها حينما تريد فهي في أحسن أحوالها لم تكن سوى إدعاء, تلك الدلالات المعمارية الغائبة اليوم مع عدم الاكتراث لها كثيراً هي شرح بسيط لما أصبحنا عليه من تدهور فكري وإنساني ولذلك نلجأ دوما للبحث عن ما يعطينا تلك الروح فنجدها في المواقع التراثية والمدن القديمة بسبب ما تقدمه لنا من متعة اكتشاف الدلالات المعمارية التي تستعصي دون تأمل وبحث واسع لمعرفة الجمال المختفي والكامن فيها .

تذكرة مغادرة : يقول الفيلسوف كارل ماركس ” لا شيء يمكن له أن يكتسب قيمة ما من دون أن يرتبط بمنفعة ما “.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :

نُشِّرْت في 

ضمن

للكاتب