الأجواء الحارة ليست تحدياً!!

الكثير من الأفكار والتعليقات للكثير من المهتمين بالصور المعمارية والتي تنشرها بعض الحسابات المتخصصة في عرض الأفكار المعمارية الحديثة والمختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أن بعضاً من تلك المباني المعمارية مندمج بالبيئة المحيطة به بشكل مذهل وهنا نجد أن العديد من تعليقات المتابعين بأنها لا تتناسب مع طبيعة الأجواء الحارة ولا تتناسب مع البيئة المحلية في دول الخليج العربي وهذا أمر صحيح بشكل نسبي فلا يمكن اقتباس فكرة ما أو تصميم من طبيعة وبيئة باردة بشكل كامل لإعادة بناءه في طبيعة مختلفة تماماً وأجواء حارة مالم يرافق ذلك الاقتباس الكثير من التطوير والتحسين والذي يراعي فيه جوانب متعددة مثل المواد المستخدمة للبناء أو طريقة البناء أو طبوغرافية المكان أو الجانب البيئي وفي الحقيقة أنه يجب مراعاة كل تلك الجوانب وتصحيح التصميم بناء على ذلك ولكن الأفضل من ذلك هو أن تبدأ الفكرة من خلال استيعاب تلك الطبيعة البيئية الصعبة والحادة.

كما أن الأجواء الحارة بحد ذاتها ليست تحدياً كبيراً خاصة اذا ما استطاع المختص من معرفة وتحديد الطبيعة المكانية المحيطة بالموقع ولفترات طويلة من السنة وعلى مدى فصول السنة وتحديد أنسب الحلول سواء المعمارية أو غير المعمارية والتي تحقق لها الشرطين الأساسيين وهما الوظيفة والجمال على حد سواء فالحلول المعمارية أمر قد يعتمد بشكل أساسي على الإبداع والابتكار والذي يستطيع تقديمه المعماري من خلال تصميماته أما الحلول الغير معمارية فهي الحلول التي تكون مرتبطة بالطبيعة والبيئة المحيطة بالموقع والمناسبة مع التصميم المعماري والتي يمكن معرفتها بعد رصد طويل أو من خلال دقة ومهارة المعماري وسعة إطلاعه.

القبول بعبارة أن أجوائنا الحارة لا يتناسب معها سوى أن نبقى في مثل المباني التي نعيشها فيها اليوم هو دلالة سلبية على مستوى الفكر المعماري لدينا والذي نستطيع تقديم الأفضل بالنسبة له من خلال إيجاد حلول معمارية مناسبة لطبيعة وبيئة المكان وقد يكون الوضع الحالي للعمارة المحلية مؤشراً قوياً في أن نبدأ منذ الآن في تطوير التوجهات المعمارية لتتناسب مع بيئتنا بشكل أساسي ونقوم بطرح رؤى وأفكار معمارية مستحدثة ومبتكرة تسهم في الحد من التأثيرات السلبية للوضع الحالي أو على الأقل البدء والمساهمة في وضع معايير صارمة حيال المناطق المحيطة بالمباني وكذلك المساحات المفتوحة والمسطحات الخضراء في المدينة حتى يسهم كل ذلك بتخفيض درجات الحرارة إلى المعدلات المقبولة والمعقولة من أجل التصميم خاصة في المدن التي تعاني من ضعف حاد في المسطحات الخضراء والمناطق المفتوحة.

أن الحل الأصعب ليس دوماً هو الحل الأفضل فأيسر الحلول قد يكون مؤثراً للغاية وأفضل الحلول يحدث حينما نقوم بشكل دقيق في تحليل العامل الوظيفي لكل خط أو زاوية معمارية ضمن الفكرة التصميمية الإبداعية التي نعمل من أجلها.

تذكرة مغادرة : “التطور الدائم و ليس الكمال هو قدر الإنسان” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :