القضايا التخطيطية للمدن

تعيش المدن حول العالم في ما يشبه دوامة من المتغيرات والمستجدات المتفاعلة مع المتطلبات المعيشية الطبيعية للمجتمع أو تلك المتطلبات التي يختلقها الإنسان لنفسه فمثلاً ضرورة التنقل إلى أماكن بعيدة قد أتاحت للمدن الأتساع في جميع الاتجاهات بعد أن أتاح الإنسان لنفسه تحقيق ذلك وتسهيل التنقل لتلك الأماكن من خلال وسائل النقل المختلفة والتي تطورت تباعاً من أجل ذلك دون احتساب للأضرار المستقبلية وكذلك غيرها الكثير من الاحتياجات التي شكلت واقع المدن اليوم فكل تلك الاحتياجات كونت واقعاً يصعب معه تجنب تفاعلات تلك الاحتياجات أو تخفيف حدتها بالنسبة لتلك المدن المليونية ذات الكثافة السكانية العالية والمتوسطة مما خلق وضعاً متأزما تجاه العديد من القضايا التخطيطية التي تمس العديد من المجالات كالبيئة والاقتصاد والتنمية والمجتمع وكذلك غيرها الكثير من المجالات المؤثرة في الإنسان والمجتمع بشكل أساسي وقد تحركت العديد من إدارات المدن حول العالم تجاه إيجاد استراتيجيات جديدة ومتنوعة للحد من تلك التأثيرات على العناصر المختلفة داخل المدن أو بالمواقع المحيطة بها.

 

إلا إننا نجد أن مما نستطيع ملاحظته أن استيعاب تلك الخطورة وذلك الوضع المتأزم في واقع المدن العربية من قبل القائمين عليها لم يرقى إلا ليكون شكلا من أشكال الحركة في نفس الموضع دون أن تشكل تحركاتهم تأثيراً أو تغييراً في السياسات التنموية للمدن العربية أو تغييراً في الاستراتيجيات القائمة أو المستقبلية على أقل تقدير لتتعامل مع تلك التأثيرات في سبيل إيجاد توازنات بين الاحتياجات والأضرار المتحققة أصلا لتلك المدن فلم توجد حتى الآن توجهاً حقيقاً لإيجاد حلول واقعية فعلية بل أنها في أحسن الأحوال لم تخرج عن كونها تأتي من باب التجربة والبحث على أحسن تقدير أو التقليد للفكرة دون استشعار للفوائد والسلبيات والمطمئن نوعاً ما هو توجه العديد من المختصين والمهتمين إلى تكوين مجموعات اهتمام لممارسة بعض الضغوط على الجهات التنفيذية تجاه تغيير بعض من السياسات التخطيطية القائمة حالياً أو التفكير نيابة عنها في أسوء الأحوال وتقديم تقارير سنوية لقياس مدى تزايد معدلات الخطورة التي تترصد بتلك المدن إلا أن المطمئن أكثر هو أن تلك القضايا التخطيطية ما زالت في متناول اليد خاصة في المدن المتوسطة والصغيرة .

 

أن وجوب تحقيق الحلول العلمية لمعالجة القضايا التخطيطية تستوجب وجود خبرات متنوعة على عدة مستويات عكس ما يتم التعامل معه اليوم من البساطة في طرح الحلول كما أن القراءة الصحيحية لكثير من القضايا التخطيطية في المدن العربية وأسبابها ونتائجها توجب البحث عن فكر جديد لحل تلك المشكلات عوضاً عن الاستسلام والاستمرار في ذات النهج القائم سواء في خلق مشكلات جديدة عند كل تطوير تنموي يحدث أو عند زيادة خطورة تلك التأثيرات على المدن كما أن كل ذلك يوجب التفكير في السعي لتبني فكرة تطوير البيئة التخطيطية داخل المدن العربية ووضعها بيد المتخصصين .

 

تذكرة مغادرة : يقول مايك ديتكا ”إنك لا تخسر حقاً إلا إذا توقفت عن المحاولة “.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :