الإنجازات الورقية ,, آفة تحارب مشاريعنا

تتشابه الأيام وتتداول وتتكرر عصورا تعقب عصور دون ملاحظة لذلك التشابه إلا ما ندر من الذين يحبون الرصد والمقارنة فالعائدون دوما من التاريخ يحملون معهم ابتسامة العارف بحقائق ما يخفى على الكثير بل وان بعض الحقائق تتكرر مع اختلاف جودة المشهد فغالبية قيادات الجهات الرسمية يعلمون يقينا إننا سنكون مستقبلا أمام معضلات حقيقية ويدركون جيدا أن لديهم مشاكل متعددة فنية وإدارية وهندسية وآفاق الحلول لديهم واحدة وطاقية الإنقاذ دوما بالنسبة لهم ليست العمل الصحيح ولكنه العمل الطارئ حتى تهدأ العاصفة ,, فمن الصعوبة بمكان أن تجد جهة حكومية من الوزارات أو الهيئات المختلفة لم تحمل أخطاءها إلى جهات أخرى متعللة بمشاكل تأخر مشاريعها وتعثرها على جهة ما , بل لربما قيدت أغلب الأخطاء بأسباب مختلفة لتخرج بهدوء من دائرة المسئولية إمام المجتمع على الأقل , أليست هذه الأيام أشبه بما قد حدث قبل عقود بالطفرة المالية الأولى ونعاني منه اليوم فليست هنالك أي مدلولات اختلاف بين ما حدث وما يحدث اليوم وبالأخص تجاه تعامل المؤسسات والجهات الرسمية مع الطفرة المالية فمشاكل السنين الكثيرة لا يمكن أن يكون حلها بإغداق الأموال المبالغ فيها على المشاريع المؤقتة فدوما ما كانت لتلك الحلول المؤقتة حدوداً زمنية لا يمكن أن تتجاوزها إلا أننا تعودنا وتعلمنا كيف نجعل من المؤقت دائم وأن الدائم هو الاستثناء مع يقيننا أن الحلول الدائمة هي الأجدى والأكثر نفعا وتأثيرا ومردودا فذلك فخ نقع فيه وهو من صنعنا بالدرجة الأولى وبمساهمة قوية من إعلامنا المختلف فتعامل الأعلام مع المشاريع والطفرة المالية هو ذاته الحاصل قبل عقود فهو لا يتلاءم مع معطيات المرحلة ولا الأخبار المتكررة عن وضع حجر الأساس لكثير من المشاريع هي المامؤلة منه وبالطبع ليس المطلوب منه أن يسلط الضوء على الاحتفالات التي تصاحب ذلك فقد لا يأتي بعد كل ذلك الاحتفال الفرصة بأن تسمع لضجيج المعدات والآليات ولو همسا بل يكون قد أبقى على مشكلة قد يكون حلها سهلا اليوم ونقلها لأزمنة مستقبلية تصعب معها الحلول البسيطة بل تحتاج إلى حلول جذرية طويلة وعميقة وجعلنا ومن حيث لا نشعر أمام شَرَكًا من المعاملات التي تتضخم يوما بعد آخر وتبقى مشروعاتنا حبرا على ورق فإما متعثرة أو متوقفة أو قد سحبت وأعيد طرحها وتستمر في تلك الدائرة الخانقة .

الانجازات الورقية ,, ليست خيالا بل هي حقيقية واقعية تتجسد أمامنا ونتعامل معها جميعا وبأشكال مختلفة فنحن حينما نبحث عن انجازات جهة ما نجدها قد اجتهدت كثيرا واستهلكت جهودها لانجازات في مجالات أخرى ليست مرتبطة بها ولكننا نبحث عن المنجزات الحقيقيه والمشاريع الحيوية وعن بنية تحتية للمدن ومستشفيات ومراكز بحثية ومطارات ومصانع وطرق ومواصلات ولا نجدها لنجد أن كل جهة لها منجزاتها في مجالات مختلفة هي أقل صعوبة من مهامها الحقيقيه ولنكتشف أننا إمام جهات رسمية آثرت على نفسها القيام بالمبادرات النوعية لتنجزها على حساب أسباب وجودها الحقيقي ففي الحقيقة أننا أمام ضيق أفق يتكرر دوما ونذهل من أسبابه.لا أستغرب أن تمارس الجهات الحكومية أمورا أضافية لمهام عملها ولكن أن تتجاهل الدور المطلوب منها كليا أمام المجتمع لتدعي خدمته عبر المسئولية الاجتماعية فهذه سابقة نادرة وهذه هي تقارير المنجزات لكثير منها سيذهلك حتما ما سبق وأنجز ولكنه للأسف لا يخرج عن كونه مظهر انجاز يحفزه طابع تنصل من مسئوليتها وحقيقة أن تلك الجهات تخاذلت في أدارة مهماتها في سبيل أن تقوم بتنفيذ مهمات غير مسئولة عنها .

نحن دوما ما نفرح ونبارك للوطن تلك الانجازات لأجل أنفسنا وأبناءنا ومستقبلهم وبالتأكيد إننا كل مرة سنفزع إذا ما اكتشفت الحقائق ونالت من تلك الانجازات وحقيقتها وأنها لم تكن يوما سوى انجازات ورقية بسيطة ومكررة وساذجة وسراب يحسبه الظمآن ماءً .

تذكرة مغادرة : يقول الأمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم).

شارك الصفحة مع الأصدقاء :