العقارات السكنية ,, إشكالية استثمار

أحد أهم الأمور التي تواجه سكان المدن هي مدى توفر العقارات السكنية المناسبة لاحتياجاتهم فالأسر الحديثة تحتاج إلى مساحات محددة وقليلة وتزداد الحاجة إلى المساحات الأعلى متى ما ازداد عدد أفراد الأسرة وتعود بعد زمن طويل تلك الأسر إلى خروج بعض أفرادها ليشكلوا أسرا صغيرة كطبيعة بشرية ومجتمعية فالثقافات اختلفت من نحو بقاء أفراد الأسرة وتخصيص ملاحق خاصة ضمن بيت الأسرة الكبير إلى الرغبة بالمسكن المنفرد والصغير إلا أن المساكن اليوم لا تقبل هذه المرونة فكل مرحلة عمرية للأسر لابد وان تؤخذ في الاعتبار عند بدء التفكير في التصميم المعماري للسكن الخاص ويعتبر السكن أحد أهم عوامل جاذبية المدن وأحد أسباب البقاء بها أو الرحيل عنها لمدن أخرى ولكن المشكلة الكاملة تكمن في أن العقارات السكنية غالبيتها استثمارية والتي بطبيعتها لا تأخذ احتياجات الأسر بمرونة بل وأحيانا تفرض على الأسر مساحات أما أضافية لا تحتاجها الأسر أو ضيق في المساحة عن الاحتياج الفعلي للأسرة وذلك لعدم توفر الدراسات التي تعنى بالاحتياج الفعلي للأسر مقابل كل فرد وكذلك مما أسهم في هذه الإشكالية هي أنظمة البناء المستخدمة والمعمول بها التي لا تمكن المستخدم من التعديل أو التغيير وتبقى العقارات السكنية كما هي , أضف إلى ذلك عدم وضوح العلاقة التعاقدية بين المالك والمستأجر  إذا أن لا شيء مستقر وتبقى العلاقة بينهما مزاجية مبهمة فابتداء بتحديد السعر المناسب للوحدة السكنية كشراء أو تأجير ليس مبنياً على أي معايير فعلية ويبقى حتى اليوم تعدد الغرف الرئيسية وعدد دورات المياه والموزعات هي المعيار الأوحد والذي يبدو جليا أنه معيار يقف مع المستثمر ضد المستخدم وأضر به كثيرا مقابل مكاسب واضحة لصالح المستثمرين العقاريين الذين استفادوا فعليا من بعض التصميمات المعمارية الهشة التي تعامل المستأجر دون إنسانية وعلى أنه المستفيد الأخير فتعدد هذه التصميمات الغرف ودورات المياه حتى ترتفع القيمة الايجاريه للوحدة السكنية في مقابل مساحة محددة سلفاً .
هذا الجشع الذي يمارس من قبل المستثمرين العقاريين تجاه ما يربو عن 60 % من المواطنين والذين يشكلون نسبة المستأجرين إلى الملاك مع تحفظي الشديد على هذه النسبة وأرى أن الرقم أعلى بكثير من ذلك بكثير إلا انه يوجب أن يتم التعامل معه على عدة جوانب ومنها أن توضع معايير أكثر فاعلية لتحديد القيمة الايجاريه كمساحة البناء للوحدة السكنية وعمر المبنى ومدى توفر الخدمات العامة وقربه وبعده عن المناطق التجارية والشوارع الرئيسية والحدائق وخلافه من الخدمات العامة مما قد يعطي تقديرا حقيقاً لقيمة الوحدة السكنية, أضف إلى ذلك تحديد العلاقة التعاقدية بين المالك المستثمر والمستأجر كجزء تتحمله الجهات المعنية من خلال الوزارات المختصة إضافة إلى جوانب أخرى تتحمل مسئوليتها الأمانات والبلديات من تحديد حد أدنى في مساحات الغرف على أن لا تزيد عدد الغرف عن عدد معين لكل مساحة محددة .
أن كل ما سبق يعبر وبشكل واضح أن عدم وجود نظام ملزم في الشأن العقاري أضر بكل مكونات القطاع العقاري ما عدا الملاك المستثمرين كما أن إصلاح القطاع العقاري سيسهم بشكل كبير في رفاهية المواطن .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :