أنشطة المدن

تتميز المدن عن بعضها البعض بتعدد الأنشطة ضمنها ومدى تنوعها ولذا فأن المجتمعات البشرية ومنذ العصور الأولى يعمدون إلى تجميع النشاطات المتشابهة أو المرتبطة ببعضها في مسارات محددة تسمى لاحقاً بطبيعة النشاط كما هو معروف في المدن القديمة، ومن الضرورة اليوم وفي العصر الحالي ومع ظهور العديد من التقنيات والأفكار لمعالجة مشاكل النقل أو التنقل في المدن وفي ظل توسع المدن وزيادة عدد سكانها كان التوجه إلى زيادة المواقع المخصصة للأنشطة مما أدى إلى ظهور مشكلة استخدام الطرق وعرض الأنشطة التجارية بشكل مباشر عليها واختراع ما أتفق على تسميته “شارع تجاري” ومحاولة لتأطير ذلك وفهم النشاطات في المدن من ناحيتي التأثير والمجهود والتي تعني مدى تأثيرها الإيجابي على المستخدمين والمجهود الذي يقابله الاهتمام بها وتوفيرها كحد أدنى من الخدمة وقد تكون النشاطات في المدن على مستويات الأنشطة اليومية وهي التي تحقق الحد الأدنى من المتطلبات اليومية لأي مستخدم وفي أي مكان في المدينة كالمسجد والمدرسة والبقالة وحديقة الحي ونادي الحي والقرطاسية والتي من المفترض أن لا تتطلب مستوى تنقل عالي بينها وبين مساكن المستخدمين ويأتي المستوى التالي من الأنشطة وهي أنشطة الخدمات مثل مراكز الصيانة في مختلف المجالات والتي يحتاج لها المستفيد ولكن ليس بشكل يومي أو أسبوعي على الأقل.

والمستوى الأعلى من ذلك وهو في الغالب يشمل كافة الانشطة التجارية الأخرى ويتميز هذا المستوى بإتساع الأنشطة التجارية والخدمية فيه مع ضعف عام لمعدلات تكرار الاستفادة منه ثم يلي ذلك الأنشطة الأقل تفاعلاً ولكنها مهمة للغاية والتي يغلب عليها أنشطة الحد من الكوارث أو أنشطة الطوارئ مثل المستشفيات ومراكز الدفاع المدني وما في حكمها كما يلي ذلك مستوى أنشطة حققته بعض المدن ونجحت فيه ويقع ضمن الساحات العامة أو المواقع السياحية والتي قد يكون تكرارها أشبه ما يكون موسمياً كالمتاحف والمواقع السياحية ومراكز الفنون وما في حكمها من استخدامات.

أن قراءة أي مدينة ومحاولة تحليل مواقع الأنشطة والخدمات بها على ضوء التأثير والمجهود المقابل لها فسنجد أن أكثر مستويات الأنشطة من ناحية التأثير والمجهود هي ما هو جزء من المتطلبات اليومية للمستخدمين والتي تعطي عائد عالي على الفرد بمجهودات عالية أيضاً والتي يجب أن يتركز عليها الاهتمام وإعطاءها الأولوية لمعالجة أوضاعها وهكذا تتم قراءة كافة أنشطة المدينة من ناحيتي التأثير والمجهود الملازم لتحقيق الخدمة، أن أنشطة التقدم الصعب والتي تحقق تأثيراً منخفضاً ومجهوداً عالياً والتي هي برأي الشخصي أصبح بعضها فجأة ضمن نطاق مبادرات المكاسب السريعة والتي بالتأكيد قد قرأت بشكل خاطئ، بينما في الحقيقة قد تكون قد أضرت تلك المكاسب السريعة بالمدن وبالمستخدمين كثيراً ويجب فيها التنبه إلى أي حد يمكننا اعتبار الأنشطة المستحدثة ذات تأثير إيجابي أو سلبي على المدن وإلى أي مدى.

تذكرة مغادرة: يقول سلفادور دالي “الفرق بين الذكريات الحقيقية والذكريات الوهمية هو كالفرق بين المجوهرات، فالمزيف منها غالباً ما يبدو أكثر حقيقية وأكثر إقناعاً”.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :

نُشِّرْت في 

ضمن

للكاتب