أزمة تطوير المدن

تمر المدن بمراحل متعددة إبتداء من النشوء ثم النمو وتستمر إلى التوهج لتصير بعدها الى الفناء أو للإستمرار في التوهج بسبب التطور المستمر لها وذلك التطور لا يعني بالضرورة إزالة كل شيء قديم والبدء من جديد كما يحلو للبعض ولكنه يعني إعادة التفكير في كل شيء بالمدينة بالطريقة والمعطيات الحديثة.

ما تعانية المدن حالياً هي مرحلة متقلبة بين التوهج والفناء بسبب التطور الهش الذي يحدث لها فهنالك من يأخذ أمر تطور المدن بشيء من التطويع والإلزام وآخرون يحاولون دفع التطور نحو مرحلة التغيير بالكامل بحيث لا تعرف تلك المدينة كل بضع سنوات فالأزمة الحقيقية لتطور المدن ستتضح بالإجابة عن عدة أسئلة واضحة وبسيطة وهي أين نريد أن نذهب بهذه المدن؟ وإلى أي مدى سيكون ذلك التطور؟ وهل سيقبل مجتمع المدن بذلك التطور؟ كما أن مفهوم الأزمة ببساطة هو خلل مؤثر على كافة الأنظمة وتهديد للإفتراضات التي تقوم عليها تلك الأنظمة وتحويل هذا المفهوم على المدن ليس أمراً يسيراً, أذن ما هو الخلل الذي يؤثر على كافة الأنظمة داخل المدن؟ أن الإجابة عن تلك الأسئلة جميعها ليس أمرا سهلاً فذلك يتطلب القدرة على التركيز المستمر على عوامل الأزمة المختلفة في ظل ضغط مستمر يهدف نحو تطوير المدن بغية التقدم لخطوات وأن كانت هشة.

غالبية ما يمر به الذين ينتقلون من مدينة متطورة فعلياً لأخرى متطورة ورقياً هو الصدمة الحضارية الفعلية وليس عن جانب واحد بالمدن فقط بل على جوانب متعددة ومختلفة وتلك الصدمة تتسبب بالضغط النفسي أكثر خاصة على الذين يهتمون لأمر مدنهم وتطوريها الفعلي والجاد , فالمشكلة هنا أننا كمخططين نعلم أين نود أن تصل مدننا ولكننا كذلك نعلم عن العوائق التي تقف أمام تطور المدن وكثيراً ما ننتقدها ونكتب عنها ولكن لا مجال فعلي وحقيقي للتغيير.

أن تقييم أزمة تطور المدن يكشف أن بعض تلك المدن أصبح نموذجاً شديد الخطورة فالتحرك نحو التطوير لم يعد مجدي والأولى قبل بحث مسألة التطور هو التوقف لبرهة والتأمل جيداً وإيقاف ذلك النزف الذي وصلت له بعض المدن فالآثار الجانبية التي تتسبب بها الرغبة في تطور المدن بتطويع كل شيء أصبح واضحاً.

مفهوم إدارة الأزمات يوجب أن يكون حل أزمة تطور المدن بالبدء بأولى الخطوات وهي تبسيط إجراءات ذلك التطور وتحليله ثم التوجه لإيجاد أسلوب علمي صحيح يكون هدفه التخطيط والتنظيم لذلك التطور ومن ثم التوجيه والرقابة عليه قبل أن تفقد المدن كل شيء وتصير الى فناء أو هنالك حل أبلغ وهو الصمت.

تذكرة مغادرة : يقول مارجريت لي رانبيك “ تأمل كيف تنمو الأشجار ، و الأزهار، و الأعشاب في صمت ! و كيف يتحرك القمر ، و الشمس، و النجوم في صمت ! عندها ستدرك الى أي مدى نحتاج إلى الصمت كي نكون مؤثرين ”.

شارك الصفحة مع الأصدقاء :