لماذا يغيب التخطيط التنفيذي ؟

جميع المتخصصين وغير المتخصصين يتحدثون خلال هذه الفترة عن الخطط الإستراتيجية وملامحها وأهدافها الرئيسية والتي يسعى الجميع من أجل تطبيقها والعمل بمقتضاها , وبطبيعة الحال الخطط الإستراتيجية تبنى على المشاركة بالرأي ضمن أي خطة استراتيجيه صحيحة وواقعية فهي من ستحمل الواقع معها أثناء إعداد الخطة لتدمج معه الطموح والأهداف المأمولة وتكون شكلاً من أشكال الآمال المنتظر تحقيقها لكن يختبئ وسط تلك الخطوات العريضة العديد من الفجوات والأخطاء والتي لا تستطيع الخطة الإستراتيجية إبرازها بشكل واضح, فكما هو معلوم فأن لأي قرار حيثيات تدعم وجوده وأخرى تبرر تجاهله واستمرار الواقع المرفوض أحيانا وحقيقة وما يحدث فعلاً أن جميع الخطط الإستراتيجية العظيمة تختفي ملامحها البراقة وتفاصيلها الناعمة في عباءة الواقع الذي ستتعامل معه.

أن الغائب الاكبر في الخطط الإستراتيجية هو قراءة الواقع العملي بتجرد وواقعية فبدل أن نقدم خططا تغطي كل الإحتياجات وتعالج كل الأخطاء وذلك ليس صعباً نجد أننا نقدم خططا أشبه بالحلم إذا ما قورنت بالواقع العملي لها فغالبية الخطط الاستراتيجية التي فشلت في التطبيق غائب عنها أهم عنصر فيها وهو التخطيط التنفيذي المعني بمعالجة كل الملاحظات الفردية لكونها مؤثرة, التخطيط التنفيذي هو الآخر يستحق التوقف عنده فهو لا يقل أهمية ودوراً في أطروحات الإستراتيجيات بل أن التخطيط التنفيذي يعالج القصور الذي تتسم به الخطط الاستراتيجية بسبب عموميتها وعدم إدراك القائمين عليها لأبعادها المختلفة والخافية عنهم.
التخطيط التنفيذي يلامس تنوع الاحتياج الموجود على أرض الواقع وتباينه من مستفيد لآخر ويعالج الحالات الفردية بطرق لا تتعارض مع الفكرة الإستراتيجية وأهدافها بل تغطي الجوانب المعتمة منها وتشرح حالاتها المختلفة ولتحديد الفوارق بين المستويين الاستراتيجي والتنفيذي فالمستوى الإستراتيجي أكثر ما يعطيه هو فاعلية الأهداف والمشاريع والبرامج ولكن دون كفاءة والذي تغطيها الخطط التنفيذية بشكل أكثر مرونة من المستوى الإستراتيجي فالفاعلية في هذه الحالة تعني فعل الشيء الصحيح ولكن قد يكون بطريقة خاطئة فيصبح ضررها أكثر من نفعها أو قد يكون عدد المتضررين منها أعلى من المستفيدين إذا ما وضعنا في الاعتبار أن أي إستراتيجية من الممكن أن يكون هنالك احتمالية بأن عدد المتضررين أعلى من عدد المستفيدين وباعتبار أن أي إستراتيجية تهدف بالأخير إلى تحسين الواقع الحالي بشكل سريع وزيادة أعداد المستفيدين منها ولذلك يجب دوما أن نفكر في الخطة على مستوياتها المتعددة سواء من ناحية الصلاحيات أو المسئوليات فجعل وصياغة الخطة التنفيذية لتكون أكثر مرونة ودعما للخطة الإستراتيجية لتسهم في إعداد اتصال رأسي ضمن اتجاهين بين كافة المستويات.

المنطق يقول !! أن لكل قرار ثلاثة حالات مستفيد ومحايد ومتضرر فكلما كان القرار ضمن الأعلى استفادة وأسهم في تحريك المحايدين إيجابا وقلص عدد المتضررين كأن أكثر إيجابية وأعلى قبولاً مع أن بعض القرارات التي تتسبب في ضرر بسيط عام تكن في صالح المستفيدين مستقبلاً فهي أكثر القرارات قبولاً بشكل منطقي ورفضاً بشكل عاطفي ولنتذكر دوماً أن الأخطاء الصغيرة كثيراً ما أفشلت الخطط الكبيرة.

تذكرة مغادرة: يقول العالم توماس هنري هكسلي : “ ليس من خطأ أكبر من الاستنتاج المتسرع أن الآراء ليس لها قيمة لأنه تم التعبير عنها بصورة سيئة ” .

شارك الصفحة مع الأصدقاء :