تواجه العديد من المناطق والأقاليم تحديات واسعة في التنمية وتتقاطع كافة تلك التحديات مع معضلة كبرى هي واقع البيانات بمختلف مجالاتها وطبيعتها وحتى الدول المتقدمة تعاني أيضاً من نقص البيانات وتقادمها بشكل سريع وتتساو معها في ذلك أو تسوء الدول النامية تجاه معاناة النقص الحاد في البيانات الهامة وذلك يشمل عدم توفر البيانات أو عدم توفر مصادر موثوقة لها.
المخططات الإقليمية وتحديثاتها ومشاريع تطبيقها هي في الحقيقة أمنيات لم تتحق ورغبات لم تواكب المستقبل الذي بدوره أصبح ماضياً وهي في رأئي الشخصي مخططات لم تدرك حاضرها ومتغيراته السريعة ولن تستطيع أن تواكب المستقبل، ولكن ما السبب وراء هذا الرأي الشخصي، فقط يكفي أن تبحث في أي مكتبة ورقية عن المخططات الإقليمية للمناطق والمدن التي صدرت قبل أعوام وتقرأ في صفحاتها أن الذين أعدوها وهم على قدر من الخبرة في مجال التخطيط الأقليمي لم يكونوا يعلمون أنهم يصنعون سراباً والسبب الآخر هو بروز دور القطاعات التنموية واستراتيجياتها على مستوى وطني.
أذن ما الحل ؟ في الحقيقة الحل قد يكون التعلم مما حدث لإختراع البيجر والذي كان مهماً في زمن ما أصبح طي النسيان بسبب تطور تقنيات أخرى تغني عن الحاجة، ولهذا ومع التطور الهائل والمستمر وتسارع عمليات التنمية من القطاعات أصبح الإنتظار لسنة أو سنتين من أجل إعداد مخططات إقليمية وعشرة سنوات أو أكثر من أجل تطبيقها أمر غير منطقي!.
تسارع عملية إتخاذ القرارات التي تمس المدن والمناطق والأقاليم وبروز دور القطاعات التنموية في المناطق جعل من المخططات الإقليمية فقط تكرار لمخرجات واستراتيجيات القطاعات التنموية لضمان المؤامة معها ومع ذلك تبقى مهمة واحدة ما زالت قائمة للمخططات الإقليمية وهي التموضع والترجمة المكانية لهذه الخطط التنموية للقطاعات في النطاق الجغرافي للمناطق والأقاليم وهذه المهمة ليست بالصعوبة بما كان أن تنضم لقائمة مهام المخططات المحلية أو معالجتها من خلال تقنيات الذكاء الإصطناعي أو التحليل لمؤشرات المدن والمناطق في مراكز إتخاذ القرارات العمرانية.
في الواقع أن النموذج نفسه المتبع في إعداد المخططات الإقليمية والمناطقية وكذلك العديد من نظريات التخطيط والتي يتمسك به المخططون منذ قرون ويؤمنون بأهميتها أصبح نموذجاً لا يواكب الحاضر حتى نتوقع منه أن يكون بوابة للتنمية والنمو المستقبل.
في نظرة تحليلية للحاضر وإستطلاع ورؤية للمستقبل فأن التخطيط الإقليمي بنماذجه الحالية المتباطئة سيكون أمر طي النسيان فإما أن يحدث لها ثورة معرفية تجب ما قبلها من نظريات تقادمت وتعد لها بنموذج مختلف وواقعي ومتسارع يواكب المتغيرات ويعالج التحديات المرحلية أو سيختفي مثل إختفاء البيجر.
تذكرة مغادرة : يقول الأديب ميخائيل نعيمة (ما تفهمه من كلامي فهو لك وما لا تفهمه فهو لغيرك).